يقع هذا السجن في منطقة الشيخ نجار بحلب، وتحديداً معمل الأخشاب الذي سيطرت عليه تنظيم داعش ووضع يده عليه بذريعة أن مالكه من "الطائفة المسيحية"!.
فبعد اعتقالي يوم 28 – 11 – 2013 من سيارة الاسعاف التابعة لنقطة بستان القصر الطبية في منطقة قاضي عسكر بعد سقوط برميل متفجر هناك، أمضيت ثلاث ساعات فقط في مشفى الأطفال ثم نقلوني إلى هذا السجن الذي هو عبارة عن قبو تحت الأرض كان يستخدم كمستودع.
تم تعديل المستودع ليقسم الى "29 زنزانة انفرادية" ملاصقة لبعضها البعض لا يصلها الضوء أبداً، طول الواحدة منها يصل إلى المترين بينما لا يتجاوز عرضها المتر.
خصص هذا السجن لقادات وعناصر الجيش الحر والإعلاميين والناشطين السوريين المراد تصفيتهم، بالإضافة الى الصحفيين الأجانب من الجنسيات "الأوربية والأمريكية" سأكشف عن اسماء من تعرفت إليهم منهم في هذا المعتقل لاحقاً.
الوضع في السجن كان جهنمياً بكل معنى الكلمة، فناهيك عن أن طعامنا اليومي لم يكن يتجاوز رغيف خبز مع بضع حبات زيتون أو حفنة من الأرز أو بيضة مسلوقة لكل سجين، فقد كان المكان قذراً للغاية.
القمل يملاً الزنزانات، وكنا مجبرين أن نقضي حاجتنا في "قنينة ماء فارغة وكيس بلاستيكي"، وكان مسموحاً لنا أن نخرج كل 24 ساعة إلى الحمام لمدة "دقيقتين" فقط نقوم خلالها بإفراغ قنينة البول وكيس البراز، ولم نكن نجد إلا أن نتيمم دائماً للصلاة.
أما المعاملة، فلا يمكن وصفها بأقل من أنها كانت قاسية جداً.. كنا نعاقب إذا تكلمنا مع بعضنا البعض "بالحرمان من الطعام والشراب لمدة ثلاثة أيام"، بالإضافة إلى أساليب تعذيب هستيرية بالكهرباء، بل وحتى إطلاق الرصاص الحي على السجين وتركه ينزف حتى الموت، متى ما خطر لأي عنصر أمن من عناصر التنظيم أن يفعل ذلك بأي معتقل وبشكل مزاجي (!!) كما حدث مع (أبو ريان) القيادي في حركة أحرار الشام الذي قتله عنصر ليبي من التنظيم يسمى بن لادن حين كنا سوية في هذا المعتقل.
لكن الأفظع على الاطلاق قيامهم بتقطيع الجلد بشفرات الحلاقة والضرب بالعصي الحديدية وتحطيم العظام، خاصة عظام القدمين والحوض والظهر!
أذكر أنهم مرة قاموا بكسر ضهر أحد عناصر الجيش الحر بعد ضربه فأصبح مقعداً تماماً لا يقدر حتى على قضاء حاجته، فقضى أياماً طويلة يتغوط ويبول بمكانه قبل أن يتم إعدامه لاحقاً.
تمكنت خلال الشهر ونصف التي قضتيها في هذا السجن من التعرف على عدد من الناشطين والصحفيين الذين كانوا موجودين في هذا السجن مثل مراسل قناة أورينت مؤيد سلوم وشقيقه يحيى، وكذلك فريق قناة سكاي نيوز، بالإضافة إلى عدد من قياديي الجيش الحر الذين تم اعدامهم قبل ترحيلنا لاحقاً إلى سجن المحطة الحرارية.
هذا الوصف يختصر 45 يوم من السجن الانفرادي تحت الأرض قضيتها في سجن التصفيات لدى داعش، قبل أن أتنقل في عدة سجون آخرها سجن مدينة الباب الذي تم اطلاق سراحي منه يوم في الثاني من آيار الماضي بعفو من "الوالي"، حيث عرفت يومها فقط أن تهمتي كانت (الردة) والدليل هو صورة علم الثورة التي وجدوها في موبايلي!