بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
وقبل الإجابة على هذه الشبهة نعرف ما معنى النَّبيّذ؟
النَّبيّذ هو: كل ما ينتبذ في المـاء أو اللبـن أو غيـرها فهو نبيذ فقد جاء في معجم لسان العرب -لابن منظور الإفريقي (3/511).
النَّبذُ: طرحك الشَّيء من يدك أَمامك أَو وراءك. نَبَذتُ الشَّيء أَنبِذُه نَبذاً إِذا أَلقيته من يدك، ونَبَّذته، شدد للكثرة. ونبذت الشَّيء أَيضاً إِذا رميته وأَبعدته. ومنه الحديث: ((فنبذ خاتمه، فنبذ النَّاس خواتيمهم)) مسلم -كتاب اللباس والزينة- باب تحريم خاتم الذهب على الرجال برقم2091. أي: أَلقاها من يده. وكلٌّ طرحٍ: نَبذٌنَبَذه يَنبِذُه نَبذاً.
والنَّبيّذ: معروف، واحد الأَنبذة.
والنَّبيّذ: الشَّيءُ المنبوذ.
والنَّبيّذ: ما نُبِذَ من عصير ونحوه. وقد نبذ النَّبيّذ وأَنبذه وانتبَذه ونَبَّذَه ونَبَذتُ نبيذاً إِذا اتخذته، والعامة تقول: أَنبَذتُ. وفي الحديث: ((نَبَّذوا وانتَبَذُوا)).وحكى اللحياني: نبذ تمراً جعله نبيذاً، وحكى أَيضاً: أَنبذ فلان تمراً. قال: وهي قليلة وإِنما سمي نبيذاً لأَنَّ الذي يتخذه يأخذ تمراً أَو زبيباً فينبذه في وعاء أَو سقاء عليه الماء ويتركه حتى يفور فيصير مسكراً.
والنبذ: الطرح، وهو ما لم يسكر حلال فإِذا أَسكر حَرُمَ.وقد تكرر في الحديث ذكر النَّبيّذ، وهو ما يعمل من الأَشربة من التَّمر والزَّبيب والعسل والحِنطة والشَّعير وغير ذلك. يُقال: نبذت التَّمر والعنب إِذا تركت عليه الماء ليصير نبيذاً، فصرف من مفعول إِلى فعيل. وانتبذته: اتخذته نبيذاً وسواء كان مسكراً أَو غير مسكر فإِنَّه يُقال له: نبيذ، ويُقال للخمر المعتصَرة من العنب: نبيذ، كما يقال للنَّبيذ: خمر. ونبذ الكتاب وراء ظهره: أَلقاه. وقد جاء في الحديث النبوي غير المحكوم عليه في الدرر السنة للألباني -رحمه الله-: ( من النَّبيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ- قال له ليلة الجن: ما في إداوتك؟! قال: قلت: نبيذ: قال: (تمرة طيبة،وماء طهور،فتوضأ منه) مشكاة المصابيح 459.
فالنَّبيّذ كما هو مشار في الحديث هو الماء الموضوع فيه قليل من التمر مما يجعل طعم الماء حلو المذاق وليس كما يدعي الكفرة على رسول الله وخير الأنام عليه أفضل الصلاة والسلام. وشرب النَّبيّذ والعصير جائز بالاتفاق قبل غليانه. الغليان أي الاختمار ـ وذلك بدليل مشروعية هو: حديث أبى هريرة النسائي وغيره، قال علمت من النَّبيّ (صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ) كان يصوم، فتحنيت فطره بنبيذ صنعته في دبَّاء، ثم أتيته به، فإذا هو ينش (أي يغلى أي مختمر) فقال (اضرب بهذا الحائط، فإن هذا شراب من لا يؤمن بالله واليوم الآخر) النسائي-كتاب الأشربة- باب تحريم كل شراب أسكر كثيره برقم5610. وأخرج محمد عن ابن عمر في العصير قال: (اشربه ما لم يأخذ شيطانه، قيل وفي كم يأخذه شيطانه؟ قال في ثلاث) قلت: أي ثلاث ليال
المغني لابن قدامة (3/144) وأخرج مسلم وغيره من حديث ابن عباس (أنه كان ينقع للنبي -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ- الزبيب فيشربه اليوم والغد وبعد الغد إلى مساء الثالثة ، ثم يأمر به فيسقى الخادم أو يهرق) مسلم- كتاب الأشربة - باب إباحة النَّبيّذ الذي لم يشتد ولم يصير مسكراً برقم2004
قلت: ومعنى قوله يسقى الخادم هو ما قاله أبو داود: ومعنى من يسقى الخادم يبادر به الفساد ومظنة ذلك ما زاد على ثلاثة أيام. وقد أخرج ابوداود وغيره من حديث عائشة [ ] (أنها كانت تنتبذ لرسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ- غدوة، فإذا كان العِشى فتعشى، شرب على عشائه، وإن فضُل شيء صبته أو أفرغته ثم تنتبذ له بليل، فإذا أصبح تغدَّى فشرب على غدائه قالت تغسل السقاء غدوة وعشية) أبو داود-كتاب الأشربة-باب في صفة النَّبيّذ برقم 3712
قلت: وهو لا يُنافي حديث ابن عباس السابق أنه كان يشرب اليوم والغد وبعد الغد إلى مساء الثالثة، لأن الثلاث مشتملة على زيادة غير منافية، والكل في الصحيح. قال -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ- : (إني كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ، ونهيتكم عن لحوم الأضاحي فوق ثلاثة أيام ، فامسكوا ما بدا لكم ، ونهيتكم عن النَّبيّذ إلا في سقاء فاشربوا في الأسقية كلها ولا تشربوا مسكراً) صحيح النسائي-كتاب الجنائز-باب زيارة القبور برقم 2032
متابعة القراءة