بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
سنن الحياة متواترة وتمضي على جميع المخلوقات التي خلقها قيوم السموات والأرض، يلتمس هذا المقال بعض النقاط التي قيل فيها ما قيل من بعض الكتاب، هداهم الله تبارك اسمه وجل جلاله «إنه لا حب بين الأزواج بعد الزواج».
فهل لحياة زوجية قد شرع المولى لها بإرساء أركانها وديمومتها واستقرارها العاطفي أن تحيا بلا حب ومودة متبادله بين كل من الزوج والزوجة؟
من واقع التجربة الشخصية، أصور الحياة الزوجية بالبستان والمروج الخضراء، فلو أطلقنا العنان لخيالنا الواسع، فأحسبكم أهلاً لذلك، وتخيلنا هذا الاسم الجميل (بستان) فالكل سيرسم أجمل صورة ذهنية لبستانه، يقول جبران: عندما تستمع بعبير الورد، لا تفكر في رحلتها منذ أن كانت بذرة تشق الأرض.
ولكنني سأترجم مخيلتي، لتكن بين أيديكم وتقرأها أعينكم، وتقر بها أنفسكم. لكل زوجين بستان في الدنيا يقومان بالاعتناء به وعمارته، ليبقى يافعاً نظراً يسر الناظرين، فيبدو البستان خالياً من الزهور والورود والفل في المرحلة الأولى من الزواج، فلا أعني البتة غياب الحب في هذه الفترة، ولعلي أطلق عليها فترة هندسة بستان حياة الزوجية، فالزوجان في هذه المرحلة يرسمان أجمل الأحلام التي لم تحقق بعد، وعظيم الرجاء بحياة سعيدة يقضيانها سوياً في حب ووئام، وتغمرهما متعة الشعور بالأمان العاطفي قبل الأمان الحسي.
فلا ننسى أن في كل مرحلة من مراحل الزواج أننا نزرع زهرة في ذلك البستان الذي كنا قد أشرنا إليه، ونعتني بها جيداً، والحياة مستمرة ويمتلئ البستان حتى يصبح جنة الدنيا بالنسبة للزوجين، فلا سعادة ترجى ولا أساس للحب ولا مؤشرات لاستقامة الحياة ما لم نضع حبنا وسعادتنا في سعادة شخص آخر، وهي الزوجة العظيمة.
فهل الحب بين الأزواج في نظر البعض من الناس ضرب من خيال أو بناء قصور على الرمال، لا سيما بعد الزواج؟ فقبل أن نجيب نقول: من المتعارف عليه أننا في حال شراء جهاز كهربائي، فإننا نعمد إلى قراءة الدليل المرفق، كي نستخدم الجهاز الاستخدام الأمثل، وهذا الأمر ينسحب على البشر، ويتأكد هذا في العلاقة بين الزوجين، فلا بد من إدراك لطبيعة البشر، فكيف لشخص أن يتعايش مع شخص آخر ويتكيف معه، وهو لا يعرف طبيعته التي خلقه الله عليها، وقد أكد القرآن الكريم هذا المعنى في سورة الكهف (وكيف تصبر على ما لم تحط به خبراً).
يعتقد البعض بالإجزام القاطع أن اختلاف وجهات النظر بين الزوجين في بعض الأحيان، والخلافات الأسرية الحتمية كذلك، جلها تنم عن حياة غير مستقيمة تفتقر للمقومات الأساسية للعشرة الزوجية، فيقول البعض جهاراً أنه لا أساس للحب بعد الزواج، وعجباً لهذا القول الغريب، فالأخيار أمثالكم يجيبون على هذه التساؤلات بحزم وإدراك، مثبتين لمن قل علمه وخانه جهله في تحليل الحياة الزوجية بعد الزواج وخلوها من الحب والعاطفة. ولعلي أتفق وإياكم أحبتي في الله، أن الحب أقدس حقوق الروح، والحلقة الذهبية التي تربطنا بالواجب والحق.
قال بعضهم، مستهجناً مستنكراً وجود أربعة حروف سحرية وهي (أحبك) بعد الزواج، ويؤكد الخبراء أن أقوى العواطف الحب، إنه يهاجم الرأس والقلب والحواس في آن.
الحياة الزوجية تحتاج إلى صبر، أي يصبر كل من الزوجين على الآخر، ويتنازل كل منهما عن جزء من حقوقه للطرف الآخر، في سبيل استقامة الحياة بينهما ويتجاوزان بذلك مرحلة الخلاف.